سوسيولوجيا الفن




سوسيولوجيا الفن
رأي في واقعه... ورؤيا لمستقبله


علم الاجتماع



 اعداد:ياسمين طارق
نشر في مجلة الاقلام العراقية العدد الاول 2013

يقصد بعلم اجتماع الفن(sociology of art  )  :دراسة الترابط بين المجتمع ككل والفن كنشاط محدد. وهو فرع من فروع علم الاجتماع يستخدم أساليب البحث الاجتماعي لدراسة تأثير الفن على الجمهور والذوق الفني لدى هذا الجمهور وتأثير الذوق العام على الإنتاج الفني.
إن لهذا العلم جذور ضاربة في القدم نجدها في (( النقد الاجتماعي للفن )) ل(أفلاطون )ورسائل القديس (أوغسطين ) ولكنه ظهر بأسسه النظرية الحديثة  في القرن التاسع عشر إذ قدم الباحثون الفرنسيون والانكليز الذين درسوا الفن من وجهة نظر علم الاجتماع طروحات  أكثر واقعية وربطوا التغيرات الاجتماعية التي حدثت في أوربا بعد قيام الثورة الفرنسية مع تطور الدراما بشقيها :التراجيديا والكوميديا ,كما وربطت النظرية الماركسية بين ازدهار الفن و توافر فرص العمل التي تخلق طبقة وسطى مستريحة تعتبر  المستهلك  الأكبر للفنون .

 وتبين حنا دينهارد في كتابها مفهوم علم اجتماع الفن:  ((ان نقطة الانطلاق في علم  اجتماع الفن  هي السؤال التالي : كيف يمكن  للإعمال  التي تنتج في زمن معين  ،  في مجتمع معين  ,  ان  تبدو معبرة وذات مغزى في  مختلف المجتمعات وعلى مر العصور))...*

وفي القرن العشرين أصبحت  دراسة علم اجتماع الفن أكثر تخصصا  فظهرت دراسات في علم اجتماع: الأدب والمسرح والموسيقى والباليه والسينما والتلفزيون  والهندسة والتخطيط  الحضري والعمارة بل وحتى بالتكنولوجيا الحديثة المستخدمة في هذه المجالات وكذلك بالانتاج والتوزيع الفني  والتسويق . 
وناقشت مختلف الممارسات والانشطة والمهارات الفنية وقامت بتحليلها وفق الهيكلية الاجتماعية ودينامكية هذا المجتمع  او ذاك والتفاعل الانعكاسي بين العمل الفني من جهة  والانسان ومجتمعه من جهة اخرى  واعطت مفاهيم جديدة مختلفة عن تلك المالوفة في تفسير القوى الابداعية والانتباه والخيال والانفعال والفعل والايقاع وغيرها من المفاهيم الفنية  كما بحثت في نظرة المجتمع للفن وتطوير نظرية الادب والفن والنقد الادبي .   .
أما في وطننا العربي فان علم الاجتماع يدرس في أكثر من 100 جامعة عربية وتوجد  ألاف الكتب والبحوث والدراسات في فروعه المختلفة  إلا  أن المتعلقة منها بعلم اجتماع الفن تعتبر قليلة مقارنة بالفروع الأخرى ويرجع الفضل الأكبر في إثراء ا لمكتبة العربية  بها  إلى جانب علماء الاجتماع إلى المتخصصين في الأدب واللغة والفلسفة  وتتوزع هذه القلة على فروع الفن المختلفة بنسب متفاوتة فنجد الجزء الأكبر منها  من نصيب الأدب والمسرح  ونجدها شحيحة في العمارة والخزف والخط العربي وشبه معدومة في الموسيقى والأوبرا والنحت والسينما والباليه وفنون الرقص المختلفة .

والأسباب وراء ذلك كثيرة فكون هذا العلم يبحث في الفن والمجتمع معا يجعله يرتبط بأزماتهما معا فيتأثر بمشكلات مجتمعنا السياسية والاقتصادية وبأزمة الثقافة والفكر التي نعانيها.

ولا يأخذ هذا العلم نصيبه في مؤسساتنا التعليمية فلا نجده في فروع علم الاجتماع المتعددة التي تدرسها كليات الآداب ولا في مناهج كليات الفنون لدينا.
ورغم صعوبة النهوض بهذا العلم في الظروف الراهنة لما يعانيه مجتمعنا العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص من مشكلات إلا إن هناك وسائل مختلفة للبدء بذلك منها:
1-البدء  بتدريسه  ضمن مناهج كليات الآداب والفنون في جامعاتنا.
2-تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة  من خلال إنتاج برامج  لا تعنى فقط بمواكبة الأعمال الفنية المقدمة   بل بدراستها ونقدها وتحليلها 
3. - إقامة ندوات ودورات تعليمية متخصصة من قبل المؤسسات المختصة في وزارات التعليم العالي والثقافة وهيئة الأعلام ونقابة الفنانين وادارات  المهرجانات .  
4- تفعيل دور منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالثقافة والفنون ودعم نشاطاتها وجعلها أكثر انفتاحا على المنظمات الثقافية الدولية .

تعليقات