ملخص كتاب نظرية المسرح الحديث

 

 

 

يتتبع الكتاب مسيرة المسرح المعاصر من خلال دراسة مجموعة من الاسماء البارزة فيها ,من مخرجين ومؤلفين ونقاد اثروا المسرح بنصوصهم وعروضهم ودراساتهم النقدية .

1-    ادولف ابيا (1862-1928)

مخرج ومصمم وباحث فني سويسري يطلق عليه جيمز روز ايفنز في كتبه المسرح التجريبي اسم (الحالم )-مع المخرج الانكليزي غوردون كريج – لان عروضه  كانت اشبه بالحلم في استخدامها للاضاءة والموسيقى .

تأثر كثيرا ب(فاغنر)  والف كتابا اسماه (اخراج الدراما الموسيقية الفاغنرية ) اتفق فيه مع (فاغنر) بأن (مسرح المستقبل ) هو المسرح الذي يمزج الدراما بالموسيقى مضيفا لها رؤيته الخاصة في  توظيف الاضاءة .

 

ان جسم الممثل ثلاثي الابعاد فلا بد من توافق باقي العناصر مع حركته وقد رأى ان استخدام المنظور للايحاء بالبعد الثالث يشوه الصورة المسرحية بسبب انكسار الضوء عليه خاصة الملون لذلك عمد الى اكمال الارضية الافقية والمنظر العمودي بالاضاءة المجسمة من مصادر اضاءة في الاعلى وفي الجانب .

وقد استخدم الاضاءة في  كعنصر جمالي نحتي للاشياء , واستخدمها في بناء الايقاع وبناء المستويات عن طريق تبادل الظل والضوء وضبطها بطريقة تقترب من النوتة الموسيقية وعزز اثرها الجمالي بالمقطوعات الموسيقية وضمن هذه الافكار جميعها في كتابه الاخر (الموسيقى والاخراج ) .

 

2-    انطونين ارتو  (1896-1948 )

((المسرح سيجد نفسه عندما يزود المتفرج برواسب الاحلام الحقيقية ))

بهذه المقولة لخص المخرج والكاتب الفرنس ارتو رؤيته للمسرح , لقد كان شديد التأثر بالمدارس التشكيلية الحديثة ورمزية مسرح الشرق القائم على الحركة والايماءة .

ان الحياة المضطربة التي عاشها جعلت يقدم لنا ما يعرف ب(مسرح القسوة ) والقسوة هي مؤشرات روحية تحرر النفس من المكبوتات الانفعالية  التي تأتي من مصدرين اولهما الطبيعة البشرية والثاني انعكاسات الحضارة , لهذا فمسرحه غامض تصعب دراسته وفق السياقات الاجتماعية .

يركز ارتو ب(القسوة ) على العالم الداخلي للممثل ويعيد للحركة والايماءة والتمثيل الصامت اهميتها لكنه لا يلغي اهمية الكلمة شرط ان تكون محملة بالتعبير ومنغمة مثل الكلمات التي نسمعها في الاحلام بل واستخدم في احيان كثيرة لغات قديمة او ميتة واصوات الصراخ والهمهمة واصوات الات غريبة او قديمة او معادن صدأة  .

تبدو اعماله غريبة ومشوشة كالاحلام  ولهذا اعتمد كثيرا على الارتجال واختار فضاءات متنوعة  حسب طبيعة كل عرض والغى الحواجز بين الممثل والمتفرج واعتمد الطقس لانه اقرب الى النفس ومؤثر في الذاكرة الجمعية والاضاءة بشكل ومضات , مختلفة الشدة فتوحي بالرعب او الحرارة والبرودة .اما العنصر الاهم لديه فهو الممثل الذي يمتاز بحضور البديهة ومرونة الحركة .

 

3-    قسطنطين ستانسلافسكي (1868-1936)

مخرج وممثل روسي ,من اهم رواد الواقعية في المسرح اسس _مع زميله المخرج دانتشنكو _ (مسرح موسكو الفني ) الذي يعد من اهم المؤسسات المسرحية في العالم الى يومنا هذا .وقد الف ستانسلافسكي عددا من الكتب ضمنها تجربته المسرحية الطويلة اهمها (اعداد الممثل ) و(حياتي في الفن ).

اهمية ستانسلافسكي  في المسرح

صب ستانسلافسكي جل اهتمامه في تدريب الممثل وافرد لفن الممثل كتابه الشهير (اعداد الممثل ) الذي تضمن تفاصيل طريقته التي اطلق عليها ( المنهج ) وهي بالفعل منهج علمي دقيق يشبه التجربة المسرحية للممثل بالتفاعلات الكيميائية ويدرسها ويحللها بطريقة البحث العلمي .

ان كلمة ( ابداع ) ترتبط بالخيال والاحساس والالهام والصدق التي  معابر الى الابداع الفني الحقيقي ولكن المشكلة في ذلك انها جميعا غير ملموسة .

و الحل الذي توصل اليه ستانسلافسكي هو تطويعها من خلال التقنية الجسدية للممثل فالعلاقة بين الجسد وبين الافكار والاحاسيس علاقة انعكاسية فالحركة التي لاتستند الى المشاعر تصبح فارغة والشعور الذي لا يؤدي الى فعل  هو شعور زائف .

ومن اجل ذلك اعتمد برنامج لتدريب الممثل يتكون من عدة اجزاء مترابطة مع بعضها وتسير بخط واحد للوصول بالممثل الى الحالة الابداعية واهمها  :

1-     أستخدام(  لو )السحرية  التي تثير خيال الممثل بفرضية انه هو الشخصية الدرامية .

2-    الاسترخاء : لا يستطيع الممثل التخلص من التوتر الذي يصيبه من مواجهة الجمهور ومن الارهاق اثناء ادائه لدوره لكن يمكن التقليل منه الى الحد الادنى من خلال مجموعة التمارين التي تمنح الممثل الهدوء والاسترخاء التام.  

3-    تركيز الانتباه :ان تشتت الانتباه حالة تصيب الانسان بصورة طبيعية لكنها مرفوضة في اممثل اثناء العرض المسرحي ويركز ستانسلافسكي على نوعين من الانتباه :

أ- الانتباه الداخلي      ب_ الانتباه الخارجي

والاول ذاتي يمكن الممثل من مراقبة  نفسه والثاني موضوعي يربط الممثل بالممثلين الاخرين وبكل ما يجري على خشبة المسرح وقد يكون مع اشياء ملموسة او متخيلة  .

4-    الذاكرة الانفعالية : ان خزين التجارب الانسانية للممثل عنصر مهما في ابداعه وهو يعطي قيمة اخرى للحواس فهي لا ترى الاشياء او تسمع الاصوات فقط بل تحللها وتعطيها معاني جديدة  فيستعيد الشعور عاشه في تجربة مماثلة بنفس الحرارة عندما احسها  للمرة الاولى دون استنساخه  .

 

4-    برتولت بريخت (1898-1956 )

مخرج وكاتب مسرحي الماني لهذا رفض بريخت المسرح التقليدي الارسطي ببنائه الدرامي وايهامه بالواقع وعزلته عن الجمهور بواسطة الجدار الرابع فقدم بديلا له اكثر قدرة على التعبير عن الحياة والانسان و اكثر قربا للمتلقي  , فجاء المسرح الملحمي مختلفا عن المسرح التقليدي في كل تفاصيله ومن اهم سمات المسرح الملحمي :

1-    انه مسرح تقديمي لا تمثيلي يخاطب عقول المتفرجين لا عواطفهم ,ولا ينشد المتعة او الترفيه او التطهير بل التعليم وتغيير الواقع .

2-    كسر الايهام :ينشد المسرح الارسطي الايهام  بالواقع وجعل المشاهد يصدق ما يجري على خشبة المسرح اما المسرح الملحمي فيكسر هذا الايهام ويجعل المشاهد لا ينسى لحظة واحدة ان ما يشاهده هو عرض مسرحي لاغير ويتحقق ذلك عبر :

أ‌-       التغريب: -  )جعل الغريب مألوفا والمألوف غريبا ),ويعني (اثارة وعي المتلقي بغرابة وتناقض واقعه الاجتماعي الذي يعريه العرض المسرحي وجعله يرغب في تغيير هذا الواقع تغييرا جذريا ).

وقد حقق بريخت التغريب على مستويين :

تغريب الحدث ,وتغريب الشخصية,  فهناك دوما الراوي الذي يروي الاحداث ويفصل المشاهد عن بعضها لاقصاء اندماج المتفرج مع تسلسل الاحداث  وبأستخدام الشخصية الثالثة .

 

ب‌-  فصل العناصر : ان عناصر العرض المسرحي في المسرح الارسطي تعمل كوحدة واحدة اما في المسرح الملحمي فكل عنصر له اهمية مستقلة تتمحور حول ذاتها فالموسيقى مثلا  تعتبر عاملا معارضا للحدث لا مرافقا له والاضاء في الغالب فيضية لا تشكل تكوينات جمالية ولا تؤكد الشخصية بشكل بؤر  .

3-    اليات التمثيل : الشخصية الثالثة هي احدى ميزات المسرح الملحمي وهي موجودة لكسر الايهام لدى المتلقي كما تم ذكره وكسر الايهام لدى الممثل كي لا يتقمص الشخصية ويتبناها عاطفيا بل يدخل اليها فيندمج للحظات ثم يخرج منها ويعلق عليها كانه يروي اخبارها وقد يتحول الى شخصية اخر من شخصيات العمل او الى الراوي نفسه فنحس انه شخصية ثالثة ليست الممثل وليست الشخصية الدرامية التي لا تدرس وفق الابعاد الثلاثة بل وفق البيئة والمجتمع  .

4-    استخدا م التقنيات :استخدم بريخت مختلف التقنيات المسرحية والسينمائية لتحقيق التغريب وكسر الايهام وايصال الافكار الى المتلقي بشكل جديد وجميل مثل تقنيات السينما والصحافة  المقروءة والسلايدات  ووظف قطع الديكور بشكل رمزي ضمن فضاء المسرح .

5-    التأرخة : نقل لنا المسرح الارسطي التاريخ بدقة اما المسرح الملحمي فينقل لنا الحدث على انه يحدث الان وهنا فلا يسقطه على الحدث اسقاطا بل ينقله بشكل مباشر ويعلق عليه مناقشا  مشاكله السياسية والاجتماعية .

6-    عدم وجود بناء درامي : لا يوجد في المسرح الملحمي البناء الدرامي التقليدي (بداية _وسط _نهاية ) وما يحتويه هذا من حبكة وذروة وحل بل مشاهد منفصلة ترتبط فقط في الفكرة .

 

5-    غوردون كريج (1872- 1966 )

مخرج وممثل ومصمم وباحث انكليزي ,هو الحالم الاخر مع (ابيا ) وقد التقيا اكثر من مرة ووتقاسما الافكار على الورق حول رؤية لمسرح المستقبل .

كان اساس عمله التكوينات الضوئية مع شاشات عرض كبيرة ودمى عملاقة اما الممثل بالنسبة له فهو عبا كبير ما لم يكن يتمتع بجسد مرن يساهم في تشكيلات حركية جميلة .

الصورة عنده اهم من الكلمة ((هناك مواقف لا يتكلم فيها الانسان لكنه يستخدم الايماءة فيعبر بها عن مشاعره تعبيرا كاملا.

 

6-    ريتشارد فاغنر ( 1813_1883 )

 

موسيقي الماني تكمن اهميته في ربطه الموسيقى بالدراما ,فقد راى ان الدراما الموسيقية هي مسرح المستقبل ولتحقيق ذلك قام بإجراءات عملية مهمة منها :

( توحيد سعر التذكرة وتقديم شكل مدروس للصالة والخشبة لتحقيق افضل مشاهدة ,وضع الاوركسترا في مقدمة المسرح ,اطفاء انوار الصالة اثناء العرض , ادخال التقنيات الحديثة ,مع الايهام الكامل ) .

كان فاغنر يرى نوعين من الفن :

نوع مستمد من روح الانسان (ذاتي )وهو الشعر والموسيقى والرقص

نوع مستمد من الطبيعة (موضوعي ) العمارة والنحت والرسم .

اثر فاغنر كثيرا في رواد الرمزية ,فقد كان يرى ان الرمز اكثر قدرة على التعبير  وان الكلمة المنغمة هي تعبير كامل عن الشعور , واثر في مخرجين اهمهم (ابيا )و (كريج ) في البحث عن مسرح يقترب في جماله وتكامله من الشعر والموسيقى .

7-    برنارد شو (   1856-1950     )

 

((اذا رأيت شيئا مضحكا فابحث ورائه لتعرف حقيقته )).

بهذه المقولة اختصر الكاتب الايرلندي الكبير جورج  برنارد شو رؤيته للكوميديا , فلم تكن الكوميديا التي قدمها سطحية تهدف  للضحك والمتعة بل كانت مثال لل (ساتير ) وهي الكوميديا التي تهدف لتصحيح امراض المجتمع .

لقد عرف برنارد شو بغزارة انتاجه ودراسته العميقة لتاريخ المسرح ومناقشته لمختلف  المشاكل الاجتماعية والسياسية في اعماله ومنها  ( الاسلحة والانسان ),(مهنة السيدة وارن ).

8-    اروين بسكاتور (1893-1966)

 

مخرج وممثل مسرحي الماني, تاثر في بداياته بالتعبيرية , اساس عمله هو (التعليمية المعززة بالوثيقة التاريخية )لذا اعتبر رائدا للمسرح الوثائقي السياسي .

واذا كان بريخت مؤسسا للمسرح الملحمي على مستوى النص فان بسكاتور كان اول من قدمه على مستوى الانتاج.

تكمن اهمية بسكاتور كمخرج في:.

1-    اهتمامه بجعل المسرح اقرب الى عامة الناس بعد ان كان مقتصرا على النخب المثقفة البرجوازية من خلال تخفيض اسعار التذاكر اولا ثم انشاء المسرح البروليتاري عام 1919 ثانيا .

2-     التنوع في استخدام النصوص المسرحية, وتقديم الكلاسيكيات الاغريقية ومسرحيات شكسبير وموليير وابسن يوجين اونيل وغيرهم لكن بروح معاصرة .

3-    ابدع في توظيف التقنيات المسرحيات واستغل الفضاء المسرحي افقيا وعموديا واستخدم المناظر المستوية والمجسمة  وادخل تقنيات جديدة مثل اللوحات المكتوبة والصحافة المقروءة والسلايدات والارضيات الشفافة والافلام السينمائية  .

4-    دعم فكرة مسرحه السياسي بمقالات صحفية وكتيبات كانت توزع في عروضه  

 

9-    اميل زولا (  1840-1902   )

روائي وكاتب مسرحي فرنسي اقترن اسمه ب(الطبيعية ) , قام زولا بتأسيس نظرية عامة في الرواية أعطته
القدرة على الحكم على من سبقه أو عاصره كما قدمت له نموذجاً خاصاً للإنتاج
الروائي. وقد استعار كلمة «الطبيعة» من علوم الحياة ومن الفلسفة، ان
المدرسة الطبيعية كما عبّر عنها زولا هي تحري الحقيقة في الفن وفي الرواية خاصة.

رأي في الكتاب :

1-    من ايجابيات الكتاب تناوله المسرح من زوايا مختلفة (النص ,العرض ,النقد ).واعطاء فكرة وافية عن انجازات العديد من المبدعين في مجال المسرح .

2-     من سلبيات الكتاب الاسهاب والاعتماد الكاتب على اراء نقدية لأخرين  اقل قيمة  من ارائه هو .

 


اريك بنتلي

تعليقات