اعلام في تاريخ السينما الشعرية

 



اعلام في تاريخ السينما الشعرية



سينما  ايطالية


مجلة الثقافة الاجنبية العدد الثالث2013

 

بدات السينما مسيرتها صامتة ...فكان على عاتق الصورة مهمة ايصال المحتوى الفكري والعاطفي والجمالي للعمل السينمائي ...واختلفت تلك الصورة من فيلم لاخر فبعضها كان جميلا خاليا من الفكر والاخر يحمل الفكرة ولكن بطريقة مسطحة خالية من الجمال والابداع وحتى بعد ان تطورت   صناعة السينما وصارت ناطقة ظلت الصورة اكثر اهمية من الحوار ولذلك عدة اسباب :

1-من الناحية الفسلجية تكون العين اكثر تحسسا للاشياء من الاذن ورد الفعل الذي يبديه الانسان لرؤية الاشياء اقوى من رد فعله على سماع الاصوات

2- ان بنية الحوار الدرامي دقيقة في تأثيرها ضمن مدة زمنية محددة ان طالت ولو قليلا تصيب الجمهور بالملل

3- اعتبر كثير من صناع السينما انذاك (بل وحتى في الوقت الراهن) ان الحوار سمة من سمات المسرح ووسيلة تعبير مهمة فيه اما اهميتها في السينما فاقل بكثير

وعليه بقيت الصورة سمة الفيلم السينمائي ومع التطور الكبير الذي شمل كل مناحي الحياة والذي حدث مع بداية القرن العشرين وبعد قيام الحرب العالمية الاولى تحديدا اصبح الفنانون يبحثون عن التجديد في كل مجالات الفن وصار الحوار مقتضبا في المسرح والسينما فما من كلمات تعبر عن اهوال الحرب وبشاعتها فزادت اهمية الصورة اكثر فأكثر وصارت اداة التعبير في العمل السينمائي

ان رسم صورة سينمائية جميلة وذات مضمون ومشوقة للمشاهد عملية ابداعية شاقة ليس في وسع الكثيرين القيام بها وقلة من المخرجين في العالم استطاعوا القيام بذلك بل وكونوا ما يسمى بال(السينما الشعرية ) تلك التي تختزل في صورتها السينمائية ليس فقط المشاعر والعواطف والافعال التي يؤديها الانسان بل احلامه ذكريات خيالاته ايضا وتسهب في سبر اغوارها ..والسينما الشعرية لا يختص بها بلد دون الاخر فهي موجودة في الشرق والغرب على حد سواء لكن ابرز روادها ومبدعيها موجودون في ايطاليا والاتحاد السوفيتي السابق اضافة الى بعض المخرجين من شرق اسيا ومن الامريكتين الشمالية والجنوبية  ومن ابرز هؤلاء :

1-  الكسندر بتروفيتش دوفتشنكو (1894-1965)

مخرج سوفيتي  من اصل اوكراني يلقبه النقاد بشاعر السينما وهو شاعر وقاص وروائي وسيناريست كبير  وكان قد درس الرسم والتصوير في المانيا وقد انعكست هذه الفنون في اعماله ممتزجة مع بعضها امتزاجا رائعا فأنتجت لنا تحفا سينمائية يدرس العديد منها في معاهد السينما  من ابرزها (زيفينيغورا 1928),(الارض 1930)و(ايفان1932).

ورغم خيبة امله بواقع السياسة الا ان افلامه كانت في مجملها  ذات مضمون وطني  فقد شهد العديد من الاحداث المهمة في التاريخ الروسي المعاصر مثل الحرب الروسية اليابانية 1905 والثورة البلشفية 1917 والحربين العالميتين الاولى والثانية وادرك ان القوة الحقيقة لاي بلد تكمن في شعبه لا قادته وكانت اعماله تتحدث عن الحاضر والمستقبل بعيدة قليلا عن الماضي لان الماضي مليء بالكوارث والاحزان  والصورة السينمائية ذات بعد تشكيلي وفيها مسحة فلكلورية شعبية .

كان دوفتشنكو مقلا في اعماله بسبب الرقابة القاسية من السلطة الا ان شهرته كانت اكبر من اي سلطة وحاز على العديد من الجوائز وحصل في بلده على جائزة لينين للإبداع وجائزة الدولة التقديرية ووسام فنان الشعب

 

2-  بيير باولو بازوليني (1922-1975)

يعرفه النقاد بانه مؤسسة فنية وثقافية متحركة وهو كذلك لانه مخرج وشاعر وكاتب وسيناريست وسياسي ومفكر من ابرز الشخصيات الثقافية في ايطاليا بل وفي اوروبا ولانه بدا شاعرا كان اعماله اشبه بقصيدة من حيث موسيقاها وموزونة لا زيادة فيها ولا نقصان واقعية ومعاصرة وفيها ارتباط مع بعض المفاهيم الفلسفية كالدين والموت والحب والجمال.

وهو على عكس دوفجنكو يؤمن بالتاريخ ويعي قرائته بعين الحاضر ... ويؤمن ان الصورة في السينما مرتبطة بالفن والشعر لكنها اكثر قدرة على التعبير لكونها متحركة .

يعيب النقاد على اعماله مشاهد العنف المرعبة والمشاهد الحسية لكنها اعمال كبيرة حصدت العديد من الجوائز في مهرجانات برلين والبندقية وكان ومن ابرزها (ماما روما1962) و(ميديا 1969)

 

3-  اندريه تاركوفسكي (1932-1986)

مخرج وكاتب وسيناريست واكاديمي روسي تاثر كثيرا بدوفتشنكو واثر في كثير من المخرجين العالميين امثال بوليوني وفليني قدم اكثر من 50 فيلما سينمائيا والعديد من المسرحيات والكتب التي تعد مراجع مهمة لطلبة السينما حول العالم واعماله متنوعة منها التي تخاطب الانسان البسيط والفلاح والامي ومنها التي تخاطب المختصين في الفلسفة والفن والادب وعلم النفس ..والصورة لديه مزيج من الحلم والذكرى والطبيعة عنصر هام في تكوينها والمدارس التي تنتمي اليها متنوعة تمتد من الواقعية الى السريالية متنوعة الايقاع ,وهذه الصورة دقيقة جدا في رسم التفاصيل ذات الايحاء فهو لا يصف غرف المنزل فحسب بل الشقوق الموجود في الجدران وانعكاس شعاع الشمس على قطرة المطر العالقة على زجاج النافذة وغيرها من التفاصيل .

ابرز اعماله  

( طفولة ايفان 1962),(المرآة 1975) و(القربان 1986)

حصل على العديد من الجوائز مثل جائزة الاسد الذهبي وجائزة الBAFTA  وكرم بعد وفاته بوسام لينين.

4-  فيديريكو فليني (1920-1993)

من ابرز الاسماء في تاريخ السينما الايطالية بدا حياته في كتابة السيناريو وكتب العديد من الافلام التي حازت على جوائز ثم انتقل الى الاخراج نظريته في الاخراج قائمة على الدراسات النفسية اذ كان على علاقة وثيقة بعالم النفس ارنست بيرنهارد ,والصورة السينمائية لديه هي سجل للاحلام ورغم ان اعماله كما يراها النقاد تنتمي الى الواقعية المعاصرة الا انه يقول (( احلامي هي الاهم والصورة السينمائية هي احلامي وخيالي ولا وعيي )) وما عدا الاحلام استند فليني الى الحنين الوجداني الدائم للماضي والحب المجنون وهواجس النفس اضافة الى الحس الوطني .

ابرز اعماله :

(لا دولتشا فيتا 1960),(روما 1972) اضافة للعديد من الاعمال التلفزيونية والادبية حصل على العديد من الجوائز مثل جائزة الاوسكار وجائزة الاسد الذهبي من مهرجان البندقية عن مجمل اعماله وجائزة السعفة الذهبية .

من الجدير بالذكر ان هناك العديد من المخرجين البارزين في مجال السينما الشعرية لهم اعمال تستحق الدراسة من امثال المخرج الاسباني لويس بونيل والمخرجان الهنديان ماني راتنام واديتيا تشوبرا


تعليقات