النقد من ارسطو الى القرن العشرين

 


ارسطو

 

          

 

مقدمة

النقد "  فن تقويم الاعمال الفنية  والادبية وتحليلها تحليلا قائما على اساس علمي " 

لكن تطور الفلسفة ونظرية الادب وظهور علم الجمال  كفرع مستقل بذاته عن الفلسفة اعطى للتعريف بعدا اوسع .

" التذوق الفني في اعلى  مستوياته "   

ومهما اختلفت  انواع النقد  الا ان له 4 مستويات  :

1-    الوصف  description

2-    التفسير interpreting

3-    التقييم evaluating

4-    التنظير theorizing

 

 

انواع النقد :

ان التطور المستمر للفن والادب وتداخله مع مختلف العلوم والتاثير المتبادل بينه وبين مختلف نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية ,ادى الى ظهور انواع مختلفة من النقد , يهتم   بعضها ببنية العمل الفني ويهتم البعض الاخر بالظروف المحيطة بالعمل .

ومها اختلفت انواع النقد  الا ان لكل منها معايير  واسس تجعل النقد طريقة علمية منهجية تبتعد بالناقد عن الذاتية والتحيز ,واهم هذه الانواع :

 

·        النقد بواسطة القواعد( النقد الكلاسيكي) :

 

للنقد الكلاسيكي جذور موغلة في القدم مرتبطة بالدراما الكلاسيكية عند الاغريق ومن بعدهم الرومان

ويؤرخ الباحثون بداية مرحلته الاولى  بظهور كتاب فن الشعر لارسطو الذي ظهر حوالي عام 323ق.م  وترجم عدة مرات وبلغات مختلفة  ولا زال يعد واحدا من اهم الكتب النقدية حتى يومنا هذا .

لقد تكلم ارسطو في فن الشعر عن نوعين من الشعر( الدرامي والملحمي) مبينا خصائصهما اضافة لبعض القواعد النقدية ,اذ يرى ارسطو ان الحكم على العمل يعتمد على نوعية تاثيره في انسان يحظى بعقل سليم وتعليم جيد وليس من الضروري ان يكون خبيرا او متخصصا .

ان اختيار ارسطو للشعر الملحمي والدرامي واستبعاده للشعر الغنائي هو اعتماد النوعين الاوليين على المحاكاة -رغم اختلاف اساليب المحاكاة-  التي يعتبرها ارسطو جوهر الفن وانها صفة طبيعية في الانسان  .  

ومن اهم المعايير  التي  جاء بها ارسطو  في نقده     :

1-    التركيز على مبادئ العقل والتحليل والسعي لكل ما هو ادق وجميل على مستوى شمولي

2-    وحدة الزمان والحدث

3-    عظامية الشخصيات

4-    عظامية اللغة

5-    وجود حبكة رئيسية

6-    عدم تمثيل مشاهد القتل والعنف .

7-    القضاء والقدر المرتبطان بسلطة الالهة ما المتحكمان في قدر البطل .

 

لقد استمرت معايير ارسطو كقواعد للنقد  لقرون طويلة  ,ويرى الباحث ان هذا يعود لاسباب عديدة اهمها :

1-    دقة وشمولية هذه المعايير .

2-    غياب المسرح في فترة سيادة سلطة الكنيسة  التي حرمت مزاولته والكتابة عنه , فحدث انقطاع  وركود  استوجب العودة الى جذور المسرح  ودراساته النقدية الاولى من جديد.

 

اما المرحلة الثانية من النقد الكلاسيكي فهي مرحلة عصر النهضة  التي اعتمدت بشكل كامل على ترجمة  كتاب فن الشعر لارسطو وتطبيق معاييره في النقد  .

ويرى الباحثون ان هذه المرحلة تفتقر الابداع والتجديد في النقد ويرجعون ذلك الى تطبيق نقادها لمعايير الكلاسيكية القديمة بطريقة حرفية دون تطويرها ودون الاخذ بنظر الاعتبار تطويعها لتناسب عصرهم مما اوقعهم بسلسلة من الاخطاء التي جعلت النقد في هذه المرحلة مشوشا .

لكن هذا لا ينطبق على كافة النقاد فهناك اسماء بارزة مثل (جو سيزار سكاليجر )و(جيرالدو سنيشو)  لكن الاسم الابرز في هذه المرحلة هوالايطالي  (لودفيكو كاستلفيترو 1505-1571 )لانه كان الاكثر غزارة من حيث الانتاج والاكثر اجتهادا اذ اتفق مع ارسطو في بعض المعايير واختلف معه في بعضها الاخر .

اذ اتفق مع ارسطو في وجود وحدتي الزمان والحدث واضاف لها وحدة المكان , واتفق معه في اهمية  المحاكاة  وسلطة القضاء والقدر لكنه اباح عرض مشاهد القتل والعنف ويعزو الباحثون ذلك لتاثره بالادب الروماني الذي كان يجد لذة في عرض هذ المشاهد والى حياته في فترة نشاط محاكم التفتيش التي كان القتل والتعذيب سمة من سماتها , كذلك ربط بين النص والعرض المسرحي بلاف ارسطو الذي اعتمد في تحليله على النصوص .

اما المرحلة الثالثة  فهي الكلاسيكية الجديدة التي اعتمدت ايضا على معايير ارسطو لكنها وسعت رقعة الوحدات الثلاثة وابقت على عظامية الشخصيات مسبغة عليا سمات التضحية المرتبطة بالمسيحية

تبرز في هذه المرحلة اسماء مميزة مثل (جون درايدن) الذي اكد ان معايير ارسطو لا يمكن لا يمكن تطبيقها كما هي على التراجيديات الحديثة لكل عمل طبيعته المتميزة ومعايير النقد يجب ان تناسب هذه الطبيعة    5  .

ويرى الباحث ان هذا الراي الذي اورده درايدن كان رد فعل على الاخطاء التي ارتكبها ناقد معاصر له هو( توماس ريمر ) الذي ادى تطبيقه الالي لمعايير ارسطو على تراجيديات (مارلو ) و(شكسبير ) الى جملة من الاخطاء حتى انه نفى  عنها صفة الابداع بل ونفى انتسابها الى التراجيديا .

ويبرز اسم اخر هو (الكسندر بوب ) الذي طور معايير النقد الكلاسيكي بشكل كبير اذ كان ينظر الى العمل بنظرة  لا تستهدف جزئياته (الشخصية والحدث واللغة ) بل بنظرة شمولية كوحدة فنية ذات غاية جمالية  .6

ومما سبق يمكن ان نستنتج سمات عامة للنقد الكلاسيكي اهمها :

1-    محاكاة الاعمال القديمة واعتمادها كوحدات قياسية .

2-    عدم الاخذ بنظر الاعتبار الظروف الخارجية المحيطة بالعمل الفني .

3-    الطبيعة ومحاكاتها مصدر اساسي للابداع الفني .

 

·        النقد السياقي 

 

لك النوع من النقد الذي يبحث في السياق التاريخي والاجتماعي والنفسي  للفن "

وللنقد السياقي موجود بصورة ضمنية منذ ظهور النقد لكن اتخذ شكله وتمت ممارسته بصورة واسعة في القرن التاسع عشر واعتمد معايير جديدة ودقيقة مستمدة من دراسته للتتابع التاريخي في الفن والادب ودراسة الاثار المستقبلية للعمل الفني والعلاقة بين الفن والعلوم الاخرى خاصة الفلسفة وعلم الجمال وعلم النفس .

 

 

يعد النقد الاجتماعي كاحد اهم اتجاهات النقد السياقي وتتعدد فيه النظريات ,وتبرز في مقدمتها النظرية الماركسية .

ورغم ان الكثير من الباحثين يقلل من اهميتها فنيا ويزيحها الى ميادين الاجتماع والاقتصاد والسياسة خاصة انها تبحث في المشكلات الاجتماعية التي دفعت المبدع لانتاج عمله الفني والادبي  وهي خارجة عن ميدان النقد .

الا ان اهميتها تكمن اذا ما اثبتت ان المشكلات الاجتماعية ماثلة في بنية العمل الفني وتحدث فرقا في اهميته الجمالية  .

وقد اثرت الماركسية في النقاد الروس في القرن التاسع عشر من امثال بلينسكي وبيساروف وبليخانوف الذين عرفوا بتيار الواقعية الانتقادية .

اما النقد النفسي فاهم النظريات التي اعتمد عليها هي نظرية فرويد التي تبرز اهميتها في تفسير سلوك الشخصيات والدخول لمناطق الاحلام واللاوعي  ودراسة الرموز والافكار .

ان النقد الادبي والتحليل النفسي  قد تحقق على يد (شارل مورون ) الذي قدم دراسات قيمة ساعدت على فهم دور اللاشعور في  وتاثير اللاوعي في النصوص الفنية , ودعا النقاد للقيام بذلك بدون التفريط بالقيم الجمالية والفنية  للعمل, والنظر اليه كوحدة واحدة تشكل قواعد التحليل النفسي نقطة انطلاق لها  .

ويعيب الباحثون على النقد السياقي تركيزه على المضامين اكثر من الاشكال والاسلوب والتقنية  وكونه في كثير من تحليلاته معزول جماليا وكذلك كونه علمي وواقعي لدرجة تحجم دور الخيال والعاطفة كما في النظرية الماركسية التي تحيل الفن الى نشاط اجتماعي خاضع للتجربة  دون الاخذ بنظر الاعتبار الالهام والموهبة التي تميز مبدع العمل وتنعكس في بنية العمل  الفنية والجمالية.

 

·        النقد الانطباعي

 

ظهر في القرن التاسع عشر وهو نقد ذاتي لا يخضع لقواعد , لايدرس تركيب العمل الفني, يعتمد الترجمة الحسية لكل ناقد فهو دفق انفعالي يولده اثر  العمل الفني  على الناقد كمتلقي     .

ويربط الكثير من النقاد بينه وبين المدرسة الرومانسية لذاتيته وتركيزه على الخيال والعاطفة ويربط اخرون بينه وبين حركة (الفن للفن ) لكونه يهتم بالشكل اكثر من المضمون .

 

ويرى الانطباعيون ان لا يوجد فن مووعي وبالتالي لا يوجد نقد موضوعي ,وان كل مدارس النقد السابقة التي لها اسس ومعايير ليست الا مدارس نظرية تفشل عند التطبيق وان النقد يجب ان ينبثق من شخصية الناقد 

ويعيب النقاد على الانطباعية خلوها من المعايير التي تجعل دراستها وتطبيقها صعبة وانها ذاتية تعتند شخصية الناقد وذوقه وخرته الجمالية وهي ذلك تختلف من شص الى اخر وكونها معزولة عن كل السياقات التاريخية والاجتماعية ما يجعلها اقل تاثيرا في دراسة تطور الادب والفن .

 

وهناك انواع اخرى من النقد ظهرت في القرن العشرين مثل النقد القصدي والنقد الباطن التي تطورت منها انواع جديدة مثل النقد التفكيكي والبنيوي والسيميائي .


للمزيد من المعلومات يمكنكم زيارة متجرنا (كلمة وتكوين ) على الرابط https://www.instagram.com/klmwtakween/

 

 

 

 


تعليقات