التفكيكية

 

التفكيكية " مذهب فلسفي و منهج نقدي قائم على فكرة استحالة الفهم الكامل للنص ... وان القارئ يقوم تفكيك النص وفق لتفكيره فس سلسلة من عمليات الهدم والبناء "  

اي ان التفكيك يقوم بتهميش المراكز المفترضة في النص ويمركز هوامش النص او الجوانب الاقل اهمية , والبحث عن البؤر المطمورة والدلالات العميقة  , واول ظهور للمصطلح كان اواخر الستينات من القرن العشرين على يد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا.

والتفكيك  الذي جاء به دريدا هو مصطلح يحمل العديد من المعاني لغويا تشكل بمجموعها مفهوم التفكيك الذي يريده للعمل الادبي وهذه المعاني تشمل تفكيك الاجزاء الموحدة وخلع الشي عن بنيته والازاحة والاحالة الى الزوال خاصة عند ترجمة الشعر اذ تنسف بنيته الموزونة متحولا الى شكل اقرب للنثر 

والتفكيك يدرس  التناقضات بين الترتيب الهرمي المفترض  في النص والجوانب الأخرى من معنى النص، وخاصة تلك التي هي غير مباشرة أو ضمنية أو التي تعتمد على الاستخدامات التصويرية أو الأداءية من اللغة. ومن خلال هذا التحليل، تظهر المعارضة على أنها منتج، من النص بدلا من شيء معين بشكل مستقل عنه.

إن النقطة الاساسية في التحليل التفكيكي  هي تلك التي تعارض  التعامل مع  الكتابة على أنها ثانوية أو مشتقة من الكلام. ووفقا لهذه المعارضة، الكلام هو شكل أكثر أصالة من اللغة، لأنه في خطاب أفكار ونوايا المتكلم على الفور ,  ويقول دريدا،   أن وصف الكلام في الفلسفة الغربية غالبا ما يعتمد على أمثلة واستعارات ذات صلة بالكتابة  فإن نقطة التحليل التفكيكي ليست لإظهار أن مصطلحات خطاب / كتابة  , يجب أن تكون مقلوبة  ولا هو أن تظهر عدم وجود فروق بين الكلام والكتابة.   فإن الكلام والكتابة على حد سواء شكلان من أشكال "الكتابة الأثرية" التي تشمل ليس فقط  اللغة الطبيعية ولكن أي نظام  على الإطلاقوعليه تصير الكتابة اهم من الكلام والكلام اهم من اللغة .  ³

   .

 

 

 

الاسس الفكرية للتفكيكية :

1-    الجدل في الفلسفة  : فكلاهما قائم على التناقضات .

2-    نقد التمركز في فلسفة نيتشه القائم على نسف الحقائق المطلقة واستبدالها بالحقائق النسبية  .

3-    مبدا تعليق الحكم في الظاهراتية : من حيث دراستها لماهية الاشياء وعدم الاكتفاء بالاحكام السابقة.

4-    السيمياء : من حيث ان العلامة في النص تحمل معنى اكثر من معناها الظاهري , وان اعتباطية العلاقة بين الدال والمدلول لدى سوسير تجعل مجال التأويل والبحث في المعاني والدلالات لا متناهيا .

5-    ترتبط التفكيكية بمفهوم ( النقض ) عند هايدغر الذي رفض به ال(لوغوس ) الذي هو اصل الوجود في الفلسفة اليونانية وابرز من خلال هذا النقض  التناقات الخفية التي يقوم عليها خطاب الوجود في الفكر الغربي برمته .  

 

 

ان التفكيكية تتقارب مع نظريات التلقي الحديثة في كونها تعطي للقارئ اهمية كبرى تفوق اهمية المبدع الاصلي فالقارئ يعطي معنى اخر للنص بعد تفكيكيه يختلف عن المعنى الاصلي الذي قصده المؤلف وكل قراءة جديدة للنص تنتج معنى جديد اي انها فتحت الباب اما  تعدد القراءات  .

 

 

 

اليات المنهج التفكيكي :

1-    الغراماتولجيا (اعادة الكتابة ) التي ترتبط بمفهوم التحجب واللاتحجب عند هايدغر.

2-    الشك في كل القواعد السابقة في قراءة وتفسير وتحليل النصوص .

3-    كسر الثنائيات المترابطة (داخل ,خارج ),(مادة ,فكر ) لان تدرس النص وفق نسق ثابت لا يتوافق مع سمة التحول في علامات النص .

4-    الازاحة المتبادلة بين الهامش والمركز , التي تولد علاقات متداخلة ذات انفتاح حقيقي على كل ما هو غريب وغير مالوف .

5-    اقصاء المؤلف واعتباره ناسخا فقط لان كل نص هو في حقيقته ليس نصا اصيلا وانما نتاج تناص ما قبله من النصوص .

فيعتبر دريدا أن الكتاب الحقيقي هو الذي لايرتبط بمبدعه أو مؤلفه أو كاتبه، أو لايحمل هويته الفردية أو الإبداعية، بل الكتاب الحقيقي هو الذي تنعدم فيه الكلية، وتغيب فيه الدلالة، وتكثر فيه الاختلافات وعلامات العلامات, التصور الإقصائي للمرجع الخارجي، والتشكيك في الإبداع الفردي.

6-    التركيز على الكتابة اعتبارها اهم اشكال التواصل .

 

 

 

لقد انتقد الكثير من الباحثين التفكيكية لاسباب عديدة اهمها :

1-    ان القراءة التفكيكية تقوم على الغاء الحدود الفاصلة ين عمل الناقد (المتلقي ) وعمل المبدع عبر تصورات فكرية تتميز بالحرية المطلقة غير الخاضعة لقوانينوهذا يعني انها ليست اعادة اكتشاف لمعنى النص الاصلي بل احلال للمعنى الذي يوجده القارئ محل المعنى الاصلي للنص ويعني هذا الغاء المؤلف والنص معا .

2-    عدم وجود اي مرجعيات خارجية للنص وهي بهذا تشبه البنيوية  لكنها اكثر تطرفا لانها لا تقي من بنية النص الا لغته المكتوبة .

 

ورغم ان معظم المفاهيم في التفكيكية مشوشة وميالة الى التعقد والغمو والغرابة الا انها لقت رواجا كبيرا كمنهج نقدي في النقد المعاصر خاصة عند النقاد في الولايات المتحدة .