يحدد
الكتاب بداية اسباب تعثر او بطىء حركة التجريب والتي اهمها :
1-
طبيعة الانظمة السياسية التي تفرض لارقابة
شديدة على الاداب والفنون بصورة عامة والمسرح بصورة خاصة .
2-
الاسباب الامنية المتعلقة بمنع التجمعات في
الساحات والاماكن العامةوالذي افقدت التجريب احد محاوره المهمة وهو مغادرة مسرح
العلبة والبحث عن اماكن جديدة للعرض .
3-
طبيعة المجتمع المحافظة التي تفرض قيودا
دينية واخلاقية على الموضوعات والمعالجات.
ورغم هذا التعثر شهد الوطن العربي تجارب مسرحية متميزة ليس
على مستوى التجريب بل كمحاولات جادة لتاسيس مسرح عربي الهوية امتازت بعنصرين
اساسيين :
1-
البحث في التراث والموروث الشعبي : استمدت
معظم العروض موضوعاتها من الحكايات العربية المعروفة مثل السيرة الهلالية والمقامة
(الواسطية والمضيرية وغيرها ) وشخصيات
تراثية معروفة مثل جحا واشعب الطماع .
2-
البحث في اشكال مسرحية جديدة مستمدة ايضا من
التراث العربي مثل السامر والاحتفالية والحكواتي وخيال الظل .
من اهم هذه التجارب :
1-
المسرح الاحتفالي : تركزت تجاربه في المغرب
العربي على يد (عبد الكريم برشيد )(الطيب الصديقي )و (ثريا جبران ) واساس هذه
التجربة ان المسرحهو فن شامل ياخذ شكل الاحتفال وفعل جماعي , يحمل تصورا جديدا
للوجود والانسان والتاريخ والفن والسياسة لذلك اختاروا شكل مسرح الحلقة ومسرح السرادق والمظاهر الكرنفالية .
2-
مسرح الحجرة : الفكرة الاساسية له تقديم عروض قصيرة لا
تتجاوز 15 دقيقة في مساحة صغيرة لا تزيد
عن 15 م 2 توفر تجربة حميمية مع الجمهور
المحدود الي نشا اصلا في اسبانيا لكنه تطور وظهر بشكله الحالي حوالي العام 1914
على يد المخرج الروسي (الكسندر تايروف) وطبقت التجربة عربيا على يد المخرج سعد
اردش عام 1962 واطلق عليها مسرح الجيب لصغره مساحته التي تستوعب 50-100 مشاهد .
3-
الاستوديو المسرحي : مستمد من (مسرح الفن )
في موسكو الذي ظهر اوائل القرن العشرين
والغرض منه تدريب الممثلين والوطن العربي ظهرت تجارب عديدة لفنانين (محمد صبحي )
(سمير العصفوري ) واحدثها تجربة المخرج (احمد العطار) في (ستوديو 83) الذي لا
يكتفي بتدريب الممثلين بل يقوم بتدريب المخرجين والكتاب والفنانين الشاملين واقامة
الورش والمؤتمرات والتسويق للاعمال الفنية المنتجة .
4-
المختبر المسرحي : ظهر المختبر اول مرة في فرنسا
على يد ادوارد اوتان وزوجته لكنه تبلور على يد المخرج البولوني (جيرزي غروتوفسكي )
وهو يركز على تدريب الممثل اكثر من انتاج العروض المسرحية في اطار (المسرح الفقير
).
والمسرح الفقير لا يرفض التقنيات المسرحية
رفضا تاما لكنه يركزعلى بناء ممثل يستطيع ان يكون لوحده عنصر جذب للجمهور حتى عند
تقديم العرض على خشبة مسرح فارغة .
وعلى غرار المختبر البولوني ظهر محترف بيروت
للمسرح نهاية الستينات على يد المخرج (روجيه عساف ) وتلته تجارب مختبر اليرموك
المسرحي والتي امتزت بها العديد من الفنون التراثية مثل الشعر والزجل والمدائح والاناشيد
الدينية والسجع .
هناك ظواهر اخرى نشطت في المسرح العربي منذ اواسط القرن العشرين مثل مسرحة
النصوص الادبية القصصية والروائية ومسرح مؤلفين اتخذ الاول المسار التراثي مثل
مسرح توفيق الحكيم واتخذ الثاني مسار المعاصرة مثل محمد تيمور وهناك محاولات احدث
قدمها يوسف ادريس الذي ركزعلى مسرح السامر باعتباره شكلا لا يزال موجودا في
المناطق الريفية والقبلية ونعمان عاشور الذي تاثر بالكاتب النرويجيهنريك ابسن اذ ركزعلى
القضايا الاجتماعية وكتب 15 نصا مسرحيا تناولت مشكلات المجتمع المصري .
اما التجارب المسرحية في الخليج العربي فقد كانت مستلهمة لحياة وصراعات القبائل وركزعلى المظاهر
الاحتفالية ورقصات السيوف والارتجال اكثر من النصوص المكتوبة مثل تجارب (محمد
النشمي ) في الكويت و (ملحة العبد الله ) في السعودية .
يتوقف
الكتاب طويلا عند 3 اسماء عربية مهمة على مستوى الكتابة:
1- يوسف العاني : الذي يعتبر في افكاره وغزارة انتاجه جسرا بين الواقع
والتراث ,حيث تناول قضايا معاصرة سياسية واجتماعية وافكار فلسفية وجودية لكن ضمن اطار شعبي في حكاياته واختيار اماكن شعبية مثل الخان والخرابة
وريادته العربية للمونودراما واستخدام
تقنايات مسرح بريخت في تقديم مشاهد منفصلة ترتبط بفكرة واحدة .
2-
صلاح عبد الصبور : هو في الاساس شاعر غنائي , وتجربته في المسرح كانت في اطار المسرح الشعري مركزا على قضايا
تاريخية وعلاقة المثقف بالسلطة كما في مسرحيته الشهيرة ماساة الحلاج , ترجمته
لاعمال الادب العالمي وتقديمه المسرح داخل المسرح ميتاتياترو .
3- سعد الله ونوس : يركزمسرحه على قضايا سياسية واجتماعية شائكة والتجريب بين الكلمة الشعرية والكلمة/ الفعل
والرمزية العالية وطرح اسئلة وجودية عميقة مع اسقاطات تاريخية معاصرة واعتماد
الراوي او الحكواتي.
ومع نشاط حركة الكتابة المسرحية , نشطت
الحركة الاخراجية التي برزت فيها اسماء العديد من المخرجين مثل (جلال الشرقاوي )(
الطيب الصديقي ) ( روجيه عساف ) الذين اخذوا نصوص الكتاب المعاصرين وقدموها في اماكن عرض جيدة مثل (وكالة الغوري ) احد الاثار المعمارية
المملوكية وغابة المعمورة في ضواحي مدينة الرباط وغيرها من الاماكن التجريبية
واستخدموا في معالجة العروض تقنيات الاراجوز وخيال الظل والحكواتي والمنشدين
والمداحين كاشكال تراثية دينية واجتماعي تناسب مضامين الاعمال المستلهمة من
الترايخ والتراث .
ويترافق مع نشاط الكتابة المسرحية والاخراج
المسرحي نشاط النقد المسرحي مع اسماء مثل علي الراعي ومحمود امين العالم الذين
كانت رؤاهم النقدية تنصب على البحث عن الهوية وجذور المسرح الشعبي .
راي في الكتاب :
1-
من ايجابيات الكتاب تسليط الضوء على
التجارب المسرحية العربية المهمة على
مستوى الكتابة والاخراج و النقد المسرحي لكن دون توضيح لاسباب التركيز على اسماء
معينة اكثر من غيرها , فلم يستفض الكتاب في الحديث عن مسرح احمد شوقي وتوفيق
الحكيم مثلا رغم ثراء تجربتهما المسرحية .
2-
تسليط الضوء بصورة مقتضبة على المسارح المهمة مثل المسرح العراقي والتونسي والجزائري .
3-
لا يبدو الكتاب مواكبا للتطور المسرحي في
القرن الواحد والعشرين مع وجود تجارب مهمة في سوريا وعمان وفلسطين .
4-
تكرار لبعض الفقرات والاسماء , اذ لا يوجد نسق
في تناول التجارب على مستوى الدول او الاسلوب الاخراجي .
تعليقات
إرسال تعليق