الصورة ماخوذة من موقع مسرح الشمس (رابط الموقع اسفل المقال )
اريان مينوشكين كاتبة وشاعرة ومخرجة فرنسية من اصول روسية ومؤسسة مسرح الشمس وهومسرح تعاوني اشتراكي
يقوم على العمل الجماعي والتجريب
الدائم.
بدات اريان مينوشكين حياتها في المسرح الشعبي مع جان فيلار وتاثرت به وبجيل المخرجين الطليعين في فرنسا
مثل (جان لوي بارو) و(انطونين ارتو) وفرقة( جاك كوبو) ثم تعاونت مع (جاك ليكوك)
حتى تاسيسها مسرح الشمس عام 1964.
العوامل التي اثرت على الاسس الفكرية لاسلوب
اريان مينوشكين
1-
الاشتراكية الماركسية : مسرح الشمس ذو طابع
تعاوني كما تقدم حتى ان الاجور توزع بين افراده بالتساوي وياتي ذلك من تبنيه الفكر الاشتراكي والفلسفة الماركسية التي تعتبر
الفن ظاهلرة تفاعلية بين الفنان والمجتمع تهدف الى تغيير الفرد والمجتمع .
وهذه التعاونية انعكست على مستويين الاول في
اسلوب العمل الجماعي التي تبنته الفرقة وهو سمة بارزة في مسارح ما بعد ال(happning
) مثل المسرح الحي والمسرح البيئي , اما المستوى
الثاني فهو بناء العلاقة مع الجمهور واشراكه في اللعبة المسرحية وتحويل من متفرج
سلبي الى متلقي ايجابي فعال
2-
تاثرها بالمخرجين الذين عملت معهم فقد اخذت
من جان فيلار افكار المسرح الشعبي ومن جاك
كوبو البحث الدائم عن اساليب تعبير جديدة والبساطة في المنظر والديكور , ومن جان
لوي بارو انفتاحه على الثقافات المختلفة وايمانه بالمسرح الشامل الذي تمتزج فيه
مختلف الفنون .
اما زميلها جاك ليكوك فاخذت عنه ايمانه بشعرية الجسد واعتباره الاداة
الرئيسية للتعبير الصادق .
اما الاثر الاكبر على اسلوبها الفني فجاء من ارتو الذي اخذت عنه اهمية
الايماءة والحركة وتقاليد المسرح الشرقي والبحث في البدائية والطقسية حتى اصبح
المسرح الشرقي اساس قيام مسرح الشمس ولا يخلو اي عرض من عروضه طوال ستة عقود من
سمات وتقنيات المسرح الشرقي الرمزي .
3- الاحداث السياسية خاصة انتفاضة الطلبة في فرنسا عام 1968.
سمات اسلوب اريان مينوشكين
على مستوى الاخراج: اعتمدت العمل الجماعي
والتدريبات المكثفة للممثلين على
الارتجال والايماءة والحركة وكسر الايهام بوجودها هي على خشبة المسرح كما حدث في
عرض( المطبخ) .
ورغم اعتماد الارتجال والتاليف الجماعي فقد كانت اريان مينوشكين منفتحة على
مختلف النصوص من الكلاسيكيات اليونانية (اجاممنون ) الى تراجيديا شكسبير (مكبث ,
الليلة الثانية عشرة , ريتشارد الثالث) الى الحكايات الاسيوية ( سيهانوك ملك كمبوديا ) دون ان تغفل الاسقاطات
السياسية على الواقع المعاصر خاصة في فرنسا عندما قدمت احداث الثورة الفرنسية في مسرحيتها (1789 ).
العلاقة مع الجمهور
في مسرحية
(حانة ميتازفاة) تشارك الممثلون الطعام مع الجمهور وقدموا لهم المشروبات ضمن اطار دلالي اثر بشدة في الجمهور كاسرا افق التوقع لديهم.
ان هذا
الشكل الجديد من التعبير في المسرح ,وفي العلاقة بين العرض والمتلقي يتطلب فضاءات
جديدة للعرض, لذا تمردت التيارات
المعاصرة ومنها مسرح الشمس على مسرح
العلبة الايطالي فقدمت عروضها في الشوارع
والساحات والسيرك وغيرها من الاماكن .
ان مشاركة الجمهور تهدف في جوهرها إلى التحرير ،
فالممثل لا يفكر بدلا من المتفرج ، وإنما
يحرر المتفرج ذاته ويفكر لنفسه ثم يتحرك بنفسه لترجمة الفكر إلى الفعل .. ففي هذه
النظرية يصبح المسرح هو الفعل بالمعنى المادي والحقيقي .
ان الفعل الاهم ليس الفعل الذي يجري على خشبة
المسرح بل الفعل الناتج من التقاء الممثلين مع الجمهور والذي لا يمكن التنبؤ به بل
هو تعبير صادق ولحظي وارتجالي عن التفاعل بينهما وهو فعل لا شعوري يشبه ذلك
المتولد في الطقوس الذي يشكل تجربة حسية تؤثر في اللاوعي الجمعي وهو ما يطلق عليه
الكياسة الغريزية .
اي ان
العملية ليست تقمصا بقدر ما هي لعب وتكنيك
منبثق من الموقف كرد فعل طبيعي عليه .
اماكن العرض وتوظيف الفضاء :قدمت اريان مينوشكين عروضها في
اماكن مختلفة مثل السيرك والشارع والساحات او فضاءات مفتوحة متعددة يحيط بها الجمهور (كما في مسرحية المطبخ )
والحظائر وعند تقديم العروض في المسرح قدمت على منصات مائلة او عدة منصات متحركة
ودوارة (كما في مسرحية مكبث ),
اسلوب الاداء : تاثرت اريان مينوشكين بتقنيات اداء المسرح الشرقي وتحديدا مسرحح الكابوكي في رمزية الحركة
والايماءة واستخدام المكياج والاقنعة
واشركت الدمى ايضا في عروضها المسرحية , كما تاثرت بتقنيات الارتجال في كوميديا دي لارتي والتعبير الجسدي اكثر من الحوار المنطوق وغالبا ماكان الممثلون
يرتدون ملابسهم ويضعون مكياجهم على الخشبة في محاولة لكسر الايهام واشراك الجمهور
في الحدث المسرحي .
توظيف التقنيات : تاثرت ايضا بالمسرح الشرقي فكانت تستخدم الاضاءة الفيضية (باستثناء بعض
البقع لتوكيد الممثل )والموسيقى الطقسية ممزوجة بالموسيقى المعاصرة والمكياج
والاقنعة .
اما
الازياء فقد استخدمتها كمعظم مخرجي ما بعد
الحداثة مثل( روبرت ويلسون )كنظام علامي
اساسي ففي مسرحية (سيهانوك ) كانت الازياء دوال للمواقع والبلدان والسياقات
الاجتماعية والاثنية وكانت ازياء حيوية غنية بالدوال متناسقة مع مكياج الوجه
الملطخ بالدماء والتراب المعبر عن اجواء الحرب والعنف والمعاناة الانسانية[1]
ورغم ما
يعاب على مسرح الشمس من مشاهد تتسم بالعري والاباحية في كثيرمن الاحيان الا انه من
اهم المسارح الاوربية المعاصرة دائمة التجريب على كل المستويات ومن اشكال المسرح
الناجحة في التداخل الثقافي الذي استمد روح المسرح الشرقي واعاد بها احياء
المسرح الغربي المعاصر .
تعليقات
إرسال تعليق