التكنولوجيا الحديثة والمسرح

 




                                         الصورة من موقع مجلة اليوم السابع على شبكة الانترنيت 

شهد العقدان الاخيران ثورة تكنولوجية رقمية شملت كل مناحي الحياة , وانتقلت من التخصصات العلمية الى الفنون والاداب  , وكان لا بد للمسرح ان يواكب هذه التطورات كي لا يخرج من دائرة المنافسة مع السينما والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي ومنصات العرض الرقمية , فبدات التقنيات الحديثة تلعب دورا اكبر في العروض المسرحية ثم انتقل المسرح الى شكل جديد رقمي بشكل شبه كامل اطلق عليه المسرح الرقمي .

ولا زالت المحاولات مستمرة  منذ2005 لتقعيد المصطلح  للوصول الى اتفاق معجمي واصطلاحي وتجذير مفهومه بشكل علمي خاصة مع اطلاق تسميات مختلفة عليه مثل (المسرح التفاعلي)(المسرح الافتراضي)او(المسرح الوساطئي)وغيرها[1]

وكل المصطلحات المختلفة التي اطلقت صحيحة لان المسرح الرقمي يستخدم مختلف التقنيات الرقمية  كالحاسوب والفيديو والصور المتحركة والمؤثرات وهومسرح افتراضي لانه لا يحتاج الى فضاء العرض التقليدي وهوتفاعلي ايضا

على مستويين الاول التواصل عن بعد بين الممثلين دون حضورهم الجسدي والمستوى الثاني هو التفاعل مع الجمهور من خلال اشراك الجمهور في العرض المسرحي وفرض شكل جديد من التلقي يختلف عن نظيره في المسرح التقليدي وبذلك حافظ المسرح على جمهوره بل وكسب جمهورا جديدا من جيل التكنولوجيا الرقمية .

 

لا يعتمد المسرح الرقمي على الفضاء التقليدي للعرض بل فضاءات جديدة ينتجها الحاسوب تسمى الواقع الافتراضي  virtual reality او VR , والواقع المعزز Augment reality   او AR.

 

والواقع الافتراضي محاكاة تكنولوجية  للواقع تستخدم الحاسوب لتمكين المتلقي من التفاعل داخل بيئة حسية اصطناعية ثلاثية الابعاد, من خلال اجهزة تفاعلية مثل النظارات الواقعية والسماعات والبدلات الواقية التي ترسل وتستقبل المعلومات وعمل هذه التكنولوجيا قائم على اسقاط الاجسام الحقيقية في بيئة افتراضية  [2]

اما الواقع المعزز فيسقط الاجسام الافتراضية في البيئة الحقيقية فاساس العمل في كل منهما يعاكس الاخر .

ويستخدم المخرجون في المسرح هذه التقنيات لتجاوز الحدود الزمانية والمكانية للعرض المسرحي وتحقيق مشاهد يصعب تحقيقها على الخشبة بالتقنيات التقليدية في المسرح واحيانا لاستبدال الشخصية الدرامية التي يجسدها ممثل حقيقي بشخصية افتراضية تمتلك قدرات تفوق كثيرا قدرة البشر .

 

   الاخراج والتمثيل في المسرح الرقمي

لا يكون التمثيل محاكاة للواقع بل هو بعيد عن الواقع لان استجابات الممثل تترجم الى شفرات يفسرها اللوغاريتم  والفعل ليس فيه تسلسل زماني ومكاني ويمكن ان نطلق عليه تمثيل ضمني لان الشخصية الدرامية موجودة في العالم الافتراضي وبالتالي لا تكون مهمة المخرج سرد القصة من خلال تتابع زمني لاحداث تقوم بها الشخصيات بل التنسيق بين الممثلين والشخصيات والاحداث من خلال عرضها على شاشات متداخلة  يتحكم بها عبر ترتيب المشاهد بغض النظر عن زمنها .[3]

 

ترى الباحثة ان للمسرح الرقمي ايجابيات وسلبيات يمكن ان نلخصها بما يلي :

الايجابيات :

1-   توفير سينوغرافيا مبتكرة تعزز العرض المسرحي

2-   امكانية الجمع بين ممثلين من مختلف انحاء العالم في عرض مسرحي

3-   الاستفادة من الواقع الافتراضي فيالعروض القائمة على الاساطير ذات الشخصيات الخرافية (الشبح , الطوطم , وغيرها من الشخصيات الخيالية )

4-   فتح افاق تجريبية جديدة في توظيف الموسيقى والمؤثرات الصوتية

 

 

 

 

 

السلبيات

 

1-            ارباك العاملين في مجال المسرح: الدمج المستمر بين الممثل وةالممثل الافتراضي وحضور الشخصية الافتراضية يربك الممثل والمخرج والمتلقي في ان واحد فلا حدود واضحة بين الخيال والواقع ولا يوجد قصة متكاملة بل مشاهد ترتبط رقميا وليس فكريا وجماليا  وقد يسبب ذلك خطورة  لصعوبة التحكم في الشخصيات الافتراضية.

2-            ان اساس العرض المسرحي هو تفاعل الانسان مع الانسان (المتلقي والممثل ) والاستعاضة عن الممثل بممثل افتراضي يفقد المسرح روحه وهويته , ثم انه لا يوجد تجسيد رقمي لمشاعر بل تفسير لها عبر المتحسسات الالكترونية فلا يمكن قياس التقمص ولا التقديم عند الممثل  ولا التلقي عند الجمهور .



[1] ينظر حبيب,محمدحسين , قواعد المسرح الرقمي ,مقال منشور على شبكة الانترنيت في 3/2/2021 عبر الرابط

https://middle-east-online.com/%D9%82h%D9%88%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A

 

[2] ينظر موقع الموسوعة البريطانية على شبكة الانترنيت عبر الرابط (ترجمة الباحثة )

https://www.britannica.com/technology/virtual-reality

 

 

[3] ينظر بيترزو, انطونيو ,المسرح والعالم الرقمي الممثلون والمشهد والجمهور ,تر:اماني فوزي,هنداوي للنشر والتوزيع,القاهرة 2017 ص ص 24, 33


تعليقات