"كان ومضة متجسدة من الاستنارة. جملته سحر
مذهل. وجوده مدهش، ذهبي، السعادة تتدفق منه" (
بابلو نيرودا عن لوركا
عرف فديريكو غارسيا لوركا(1898-1936) شاعرا وقاصا وكاتبا مسرحيا بارزا في
عشرينات وثلاثينات القرن الماضي وزادت شهرته
بسبب الطريقة الحزينة والمؤلمة التي انتهت بها حياته بالاعدام رميا بالرصاص اثناء الحرب الاهلية الاسبانية
(1936-1939).
بدا (لوركا) مسيرته الادبية شاعرا وبعد سنوات صادف ان كتب نصا لمسرح الدمى ومنذ تلك اللحظة سحره المسرح فلم يستطع
مفارقته وكتب في البداية مسرحيات قصيرة غلب عليها الطابع السردي البعيد عن الصراع
الدرامي و ذات حبكة بسيطة لم تحقق النجاح المرجو .
الا ان شهرته ككاتب مسرحي اتت من
خلال ثلاثيته المسرحية الشهيرة (عرس الدم ) (يرما) (بيت برناردا البا ) وكلها
مسرحيات عميقة في افكارها وفي صراعاتها النفسية ورموزها المكثفة وبناء شخصياتها
ولا تزال هذه المسرحيات تقدم على خشبات المسارح حول العالم وبمختلف اللغات .
يتميز مسرح لوركا ايضا بميزات اخرى منها الروح الشعبية فمعظم شخصياته هم من
الفلاحين والبسطاء ومصارعي الثيران والغجر , من خلالهم يجسد لوركا بحثه عن الذات
الانسانية والهوية الوطنية , ولانه في الاصل شاعرا فقد كانت لغته المسرحية في
الغالب شعرية يشبهها بعض النقاد والباحثين بلغة شكسبير وت.س اليوت .
ولم يكتف لوركا بالشعر بل مزجه في مسرحياته بالاغاني والموسيقى , فقد كان
يتقن العزف على الة البيانو منذ طفولته ولانه ولد في غرناطة فقد تاثر كثيرا باغاني
الغجر والاغاني الاندلسية ذات الجذور والايقاعات العربية .
وحدث التحول الكبير في ابداعه الموسيقي عندما التقى بالموسيقار الاسباني العالمي (مانويل دي فايا ) عام 1920ولازمه لشهور في غرناطة , ورغم فارق السن بينهما الا انهما اصبحا صديقين وعكفا على بحث متعمق للموسيقى الاندلسية ونجحا في اقامة مهرجان لها , وانعكس هذا في اعمال لوركا اذ ان الموسيقى اصبح اكثر حضورا وفاعلية في اعماله المسرحية ليس كفواصل موسيقية تشحذ خيال ومشاعر المتلقي او كعنصر تقني داعم للحدث بل كشخصية لها حضورها ودورها في الحدث كما الممثلين على خشبة المسرحيات وفي مشاهد كثيرة من عرس الدم وبيت برناردا البا كان لوركا يبني ايقاع المشهد باكمله من خلال الموسيقى .
وكما ان شخصيات لوركا بسيطة ونابعة من الارض الاسبانية كذلك كانت موسيقاه
مشبعة بالروح الشعبية و ممزوجة بالرقصات الفلكلورية
تعليقات
إرسال تعليق